بين التعنت والطلاق.. الأطفال هم أسوأ الخاسرين

الحدث 24

في زمن أصبح فيه الطمع والجشع يغلبان على مصلحة الأسرة، تنهار مؤسسة الزواج بسرعة، ويكثر الحديث عن حالات الطلاق، تاركة الأطفال الضحايا الأكبر. كثير من الرجال يجدون أنفسهم ضائعين بعد استيلاء زوجاتهم على أموالهم وممتلكاتهم، ورميهم في الشارع، بينما تسارع الزوجة الزمن للحصول على “طلاق الشقاق”.

لكن الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد، فالأطفال غالباً ما يُحرمون من حقوقهم الأساسية: أموال النفقة المخصصة لهم تُستغل في أغراض لا علاقة لها برعايتهم، أحياناً تُصرف على زوج جديد أو حياة مترفة للزوجة السابقة، تاركة الأطفال بلا أي فائدة من حقوقهم. هذه الأموال التي يُفترض أن تكون سلاح الأب لضمان استقرار أبنائه، تتحول إلى وسيلة للابتزاز والاستغلال، ما يزيد من معاناتهم النفسية والاجتماعية.

قصص حقيقية تؤكد حجم الكارثة: رجل يفضل عدم ذكر اسمه حكانا عن تجربته إلتقيناه صدفة في إحدى العيادات النفسية ، كيف استُولت زوجته على أمواله وعقاره بطرق احتيالية، ومنعته من دخوله إلى بيته، ثم سارعت إلى تقديم طلب الطلاق الشقاق، الذي تمّ وفق قوله، ومنع بعد ذلك من رؤية أبنائه. ويصف هذا الأب المكلوم مدى الألم الذي خلفته هذه التجربة في قلبه، وكيف أثرت على علاقته بأطفاله، حتى وصل به الأمر إلى التفكير في وضع حد لحياته مرات عدة نتيجة المعاناة النفسية.

إن الأطفال في هذه الحالات هم الضحايا الحقيقيون، يتأثرون نفسياً واجتماعياً بانعدام الرحمة والمودة بين الوالدين. وفي الوقت نفسه، هناك نساء يحتفظن بعلاقات طيبة مع أزواجهن السابقين، ويحرصن على مصلحة الأبناء، مما يثبت أن المشاكل الأسرية لا تنبع دائماً من جنس واحد، بل غالباً من الطمع، عدم التفاهم، أو تدخل الأقارب في حياة الزوجين.

ويمكننا أن نستذكر قول الله تعالى في محكم تنزيله: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” [الروم:21]، لتذكير الجميع بأن الزواج مؤسسة قائمة على المودة والرحمة، وأن التفكك الناتج عن الجشع أو الطمع هو خروج عن هذه القيم، والأطفال هم أول المتضررين من هذا الانحراف.

حيث يجب على الحكومة أن تتدخل لإصلاح منظومة النفقة ، ومراقبة صرفها بدقة وتشديد الصرامة، لضمان وصولها للأطفال، وعدم استخدامها لأغراض شخصية أو ابتزازية. كما يجب تعزيز التربية الأسرية القائمة على الرحمة والمودة، إذ يأمرنا القرآن الكريم بتربية الأبناء على القيم الصحيحة، ويحث على الإحسان في التربية وتنشئة الأطفال على الفضيلة والأخلاق. قال تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” [البقرة:83]، لتأكيد أهمية التعامل بالكلمة الطيبة والتوجيه السليم، وهو جزء أساسي من التربية الصحيحة التي تبني شخصية الطفل وتوجهه نحو الخير. إن حماية الأطفال وضمان حقوقهم ليست واجبًا فرديًا فقط، بل مسؤولية مجتمعية وقانونية، للحفاظ على الأسرة كمؤسسة أساسية في المجتمع، بعيدة عن الطمع والجشع والانتهازية.

 

daam sakan mobile 2
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.