الرميد: تجريم الأخبار الزائفة الانتخابية لا يتعارض مع حرية التعبير..

أثار مشروع القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس النواب، وتحديدًا المادة 51 المكررة التي تتضمن عقوبات حبسية ومالية ضد من ينشر أو يوزع أخبارًا زائفة تمس نزاهة الانتخابات أو الحياة الخاصة للمرشحين والناخبين، نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية والقانونية المغربية.

وفي هذا السياق، خرج وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد بتدوينة مطولة على صفحته بموقع فيسبوك، قدّم فيها قراءة قانونية وسياسية متوازنة للنص الجديد، محاولًا تفكيك الإشكال القائم بين حماية نزاهة العملية الانتخابية من جهة، وصون حرية التعبير والرأي من جهة أخرى.

وقال الرميد إن الفقرة الثانية من المادة المذكورة أثارت اعتراضات بدعوى أنها تمثل “تحجيرًا على حرية التعبير ومصادرة للحق في إبداء الرأي”، لكنه أوضح أن التجريم المقترح لا يستهدف التعبير المشروع عن المواقف السياسية، بل يطال فقط “نشر أو إذاعة أو نقل إشاعات أو أخبار زائفة بقصد التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات”.

وشدّد الرميد على أن الديمقراطية الانتخابية تقوم على ركيزتين أساسيتين: نزاهة العملية الانتخابية من جهة، واحترام نتائجها من جهة أخرى، موضحًا أن “الدول العريقة ديمقراطيًا، كلما ضمنت شروط النزاهة، كلما التزم المتنافسون بقبول النتائج”، باستثناء حالات نادرة مثل ما وقع مع الرئيسين السابقين دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وجاير بولسونارو في البرازيل.

وأكد أن رفض المقترح التشريعي بدعوى أنه يهدف إلى “تحصين الفساد الانتخابي” يمكن أن يُواجَه بادعاء مضاد مفاده أن بعض الجهات تسعى من خلال هذا الرفض إلى “تبرير الهزيمة الانتخابية” و”خدمة دعاة العدمية والتيئيس”، على حد تعبيره.

ودعا الرميد الأحزاب السياسية إلى أن تبادر من جانبها إلى الإعلان عن الضمانات القانونية والعملية لنزاهة الانتخابات، أسوة بما هو معمول به في التجارب الديمقراطية المقارنة، معتبرًا أن ذلك يشكل شرطًا أساسيًا لتقبّل هذا المقتضى الزجري الجديد.

كما شدد على أهمية تقليص عدد المكاتب الانتخابية حتى تتمكن الأحزاب من تغطيتها بمراقبيها، وتمكين هؤلاء من نسخ المحاضر الرسمية الموقّعة، بما يعزز الشفافية ويطمئن المواطنين إلى مصداقية النتائج.

وختم الرميد تدوينته بالتأكيد على أن الديمقراطية ليست فقط صناديق اقتراع، بل هي “كتلة من الإجراءات والتدابير التي، إن توفرت، استوجبت بالفعل تجريم الأخبار الزائفة والإشاعات المغرضة”، معتبراً أن الحرية لا تنفصل عن المسؤولية، وأن حماية الممارسة الديمقراطية تستلزم مكافحة التضليل والتشهير، خصوصًا في زمن المنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.