المغرب والولايات المتحدة: تحولات استراتيجية في ملف الصحراء الغربية وضغوط دبلوماسية على الجزائر

تتصاعد الأحداث في ملف الصحراء الغربية مع تقديم الولايات المتحدة لمشروع قرار جديد يعزز موقف المغرب ويدفع الجزائر أمام تحديات دبلوماسية قد تغير ميزان القوى في المنطقة.

ويأتي هذا التطور في وقت تحذر فيه قيادة جبهة البوليساريو من أي قرارات أحادية الجانب قد تعرقل عملية السلام الطويلة الأمد في الصحراء الغربية.

ويقضي مشروع القرار الأمريكي، الذي قدمه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا، باعتبار خطة المغرب للتمتع بالحكم الذاتي في الصحراء الغربية “أساسًا للتفاوض”، مستبعدًا خيار الاستفتاء الشعبي، ومحدّدًا موعدًا نهائيًا في يناير 2026.

كما يتضمن المشروع حوافز اقتصادية لدعم الاستثمارات في الأراضي التي يسيطر عليها المغرب، مع تقليص مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة.

ردّت جبهة البوليساريو برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مؤكدة رفضها للخطوة الأمريكية، معتبرة أن المشروع “ينتهك حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”.

وتأتي هذه الخطوة في ظل موقف متماسك من الجزائر التي تعلن بدورها تحفظها، لكنها تواجه تحديات داخلية وخارجية، إذ يخشى المحللون أن يؤدي استمرار الدعم لجبهة البوليساريو إلى فقدان الجزائر نفوذها السياسي والاقتصادي في صراع يمتد لأكثر من خمسين عامًا.

وفي المقابل، حافظ المغرب على موقفه الثابت القائم على الحوار والسعي للحصول على دعم دولي للوساطة في النزاع. ومن أبرز مبادرات الرباط “المبادرة الأطلسية”، التي تهدف إلى منح دول الساحل الغربي الإفريقي وصولاً مباشرًا إلى المحيط الأطلسي وتعزيز اتفاقات اقتصادية بين أكثر من 14 دولة في المنطقة.

وتأتي هذه المبادرة في سياق توتر العلاقات مع الجزائر، حيث تضغط على الأخيرة لإعادة تقييم دعمها المستمر للبوليساريو، وإلا فإنها قد تجد نفسها في عزلة سياسية متزايدة في منطقة الساحل.

وتشير زيارة وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي والنيجر إلى الرباط وتقديرهم لمبادرة المغرب إلى تحول محتمل في ديناميكيات النفوذ الإقليمي، حيث يسعى المغرب لتوسيع دائرة حلفائه في القارة الإفريقية وتقليل تأثير الجزائر التقليدي في المنطقة.

وتضع الولايات المتحدة ضغطًا على أطراف النزاع لحل الأزمة بسرعة، حتى أن واشنطن تدرس تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، ما يمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا للجزائر.

ومع اقتراب الموعد النهائي للمشروع في يناير 2026، يبدو أن أمام الأطراف عدة سيناريوهات: القبول الجزئي للمشروع مع مكاسب محتملة للجزائر، أو رفضه الكامل مما قد يؤدي إلى مأزق دبلوماسي، أو تعزيز المغرب لموقفه الدولي بما قد يعيد تشكيل موازين القوى بعد أكثر من نصف قرن من النزاع.

وتوضح التطورات الأخيرة أن ملف الصحراء الغربية لم يعد مجرد نزاع إقليمي محدود، بل أصبح محورًا للاستراتيجيات الدولية والإقليمية.

ويعزز المغرب يعزز مكانته بفضل تحركات دبلوماسية واقتصادية مدروسة، بينما تواجه الجزائر تحديات جديدة في الحفاظ على نفوذها التقليدي في المنطقة.

وبات واضحًا أن أي حل للأزمة لن يكون ممكنًا دون إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية والدولية، مع مراعاة التطورات الجيوسياسية والضغوط الأمريكية المتزايدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.