لماذا لا يتدخل الملك في تفاصيل عمل الحكومة.. الجواب في الدستور
عبد الحق العبوبي
في خضم النقاشات العمومية والسياسية التي تشهدها البلاد، يطرح كثير من المواطنين سؤالاً متكرراً: لماذا لا يتدخل الملك محمد السادس بشكل مباشر في تفاصيل تدبير الشأن الحكومي أو البرلماني؟
الجواب، وإن بدا بسيطاً، فهو عميق من الناحية الدستورية والسياسية. فالملك يحترم مبدأ الفصل بين السلط كما نص عليه دستور المملكة، ولا يتجاوز الاختصاصات التي حددها له القانون الأسمى للدولة.
الدستور المغربي منح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة والمؤسسات المنتخبة، تأكيداً لربط المسؤولية بالمحاسبة، وجعل صوت الناخب هو المحدد الرئيسي في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبينما يضطلع الملك بمهام سيادية كبرى، مثل حماية الدين، السهر على وحدة الأمة واستقرارها، قيادة القوات المسلحة الملكية، وضمان حسن سير المؤسسات، فإن التدبير اليومي للشأن العام، من صحة وتعليم وفرص شغل وتدبير الميزانية، يبقى من صميم اختصاص الحكومة التي اختارها الشعب عبر صناديق الاقتراع.
هذا الاختيار الدستوري يعكس توازنا دقيقاً بين استمرارية الدولة وضمان استقرارها من جهة، وبين الديمقراطية التمثيلية التي تمنح للناخبين حق التأثير في السياسات العمومية من جهة أخرى.
وبذلك، تؤكد التجربة المغربية أن الملكية ليست متدخلة في التفاصيل اليومية، بل ضامنة لثبات المسار وعلوية المصلحة الوطنية، في معادلة فريدة تجمع بين الشرعية التاريخية والحداثة الدستورية.