سعيد سونا يكتب: فاتح ماي … حتى لاننسى الرجال …شباط نموذجا

0

سعيد سونا *     

في يوم يتعظم فيه الخطب … ويجتمع عبق التاريخ برهبة اللحظة والتوجه بقامة فارهة للمستقبل … لامكانة فيه للدنية… يوم أحبل بالشراسة … والمواقف … والشهامة … والمجد … رجال عقيرتهم مرفوعة لله تحمل سهاما للسلطوية في أن واحد … يوم تبزغ فيه شمس البعض وتنتكس أراجيف البعض الآخر … كلها مفردات وأخرى غابت اليوم فاتح ماي 2019 ، فتوارت الرجولة للوراء ، وتقهقر الإنتصار للطهرانية ، على حساب الاتفاقات الملغومة الفاسدة بين النقابات والدولة … تلك أيام نداولها بين الناس ، حيث كانت تجوب الوغى رقاب كل فوق حصان يجيد الكر فقط ،،،، بعدما أسقط من عقيدته خصلة الفر…

افتقد فاتح ماي اليوم رجالات، كانوا يؤثتون الحدث ، بتوابل الفروسية ، وكانت خصالهم خصال الفرسان … وفجعت الشغيلة في يومها ، ولم تضن أن يتحول يوم ذروة اختزال مطالبها … إلى يوم للخيانة … وإلى يوم بدون لون ولاذوق ولا رائحة …

– حميد شباط … هل نقل النفس النقابي للسياسة … أم أقنع المشكيكين بوحدة الفعل النقابي والسياسي :

في يوم من الأيام ، قلت لقيادي في حزب الإستقلال، لماذا اجتمعت في حميد شباط كل المتناقضات ، فقال لي إلى ماذا ترمي قلت : رجل هادئ ثابت لكنه بمضامين ثورية ، فرد علي قائلا : الأخ الأمين العام ” دمه مترب ” لم افهم شيء، لكنه فسر الأمر بوضوح أكثر، عندما مر في برنامج 90 دقيقة على قناة ميدي 1 تيفي ، واصفا الرجل بالعبقري الذي يتوفر على طاقة للاشتغال لاتنفذ … ” نعم الجملة صحيحة ” كما كان يقول الشهيد بإذن ربك جمال خاشقجي … ولكن لن نذكر اسم القيادي الذي انقلب على عقبيه بعد مكالمة واحدة فقط من الداخلية ” فأن تسمع عن المعيد خير من أن تراه ” كما قالت العرب .

نتحدث أيها السادة والسيدات عن ردة خطيرة في الفعل النقابي ، في غياب سياسيين بحس نقابي كشباط، ونتأسف عن انهيار غاصب للوسائط بين الدولة والمجتمع ، في غياب الكاريزمات التي كانت تخرج بخطابات و مواقف تزعزع تخاذل السلطوية، ولذلك شيعنا اليوم بعيون دامعة وبقلوب مكلومة جنازة شيء اسمه – فلسفة العمل النقابي –

في زحمة خوارهم وسخرية القدر فيهم ” وظنا منهم انهم يقللون من صخب الرجل … خانتهم رجاحة العقل وولغت ألسنتهم في وحل الخيبة قائلين ” أن شباط حول التدافع السياسي إلى تدافع نقابي ” لكن المعني بالأمر كان على قناعة على أن لاعلمانية بين النقابي والسياسي ، بل إن الأول يجعل الثاني أكثر مردودية، بما أن المبتغى هو خدمة المواطن أولا ووسطا وأخيرا .

والآن ينطبق على الإتحاد العام للشغالين، الذي نزعته السلطة من شباط الرجولة ، في مشهد بائس ، ما قاله السلف ” لاعطر بعد عروس …وقطعت جهيزة قول كل خطيب ” مشهد شباط وهو يحمي عرين الرجال بنفسه ، بعدما تسربل بسربال الصمود ، سيبقى يوما لاتنساه دفاتر التاريخ، حتى تستقر الطمأنينة في قلبه ، على أنه أدى الواجب كاملا ، إلى آخر عرق ينبض في بدنه ، لعلها حلاوة المجد التي تضاهي حلاوة الجنة كما قال الإمام السكندري .

نعم يجب على السياسي أن يكون عضويا ، أي سياسي ويتجول في الأسواق، استجابة لنظرية العضوية السياسية والنقابية والفكرية ، التي أسس لها الفيلسوف الإيطالي غرامشي ، إن انكماش السياسي على نفسه وتحوله لكائن مناسباتي، ينتظر السلطة حتى تتكلم و يزغرد وراءها ،،،، بمثابة الخيانة الجلية للوطن والمواطنين …

بين فاتح ماي وحميد شباط ، علاقة صداقة وحب قديمة ، فيها الاعتقالات ، وتحقيق المكاسب، وشحذ الهمم ، وتحريك الجمود … ولهذا لن ينال رويبضة من تاريخ الرجل النقابي والسياسي ” الجزء الثاني سيخصص لشباط السياسي، كما تحتوي هاته المقالة على زبدة تاريخ الرجل كما دونه مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية ”
ونسجل بمرارة مافعله خونة الداخل ، عندما أزالوا صورة أحمد بلافريج أول أمين عام لحزب الاستقلال ثم حميد شباط آخر أمين عام قبل اختيار الداخلية لنزار بركة مكانه، وترك بالمناسبة استقلاليون تدوينات غاضبة على هذا الاقصاء الذي اعتبروه متعمدا، من جهة إقصاء أحمد بلافريج نظرا للصراع القديم بين الرجل وشخصيات استقلالية محسوبة على آل الفاسي…ومن جهة ثانية إقصاء حميد شباط بعدم وضع صورته إلى جانب الأمناء العامين السابقين، وكأنه عدم اعتراف بمرحلته كأمين عام لحزب الاستقلال حيث قضى ولاية كاملة من سنة 2012 إلى 2017 و الكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب منذ سنة 2009، ونقابي بارز في نفس النقابة منذ عقود..وعلق قياديون استقلاليون على حذف مرحلة شباط من تاريخ الحزب بأنه عمل غير مقبول، ويحاول طمس الحقائق، والسير وفق منظور أحادي للتسيير الحزبي في المرحلة الجديدة مع نزار بركة وتيار ولد الرشيد، وعلق قيادي الميزان العربي الشرقاوي على الصورة المتداولة على صفحته الفايسبوكية بالقول “إن كان هذا صحيحا فإنه العبث وقمة الاستهتار، واعتبر هذا التصرف لا يمت للأخلاق الاستقلالية العالية وكل من قام بهذا العبث أو أوحى به وكل من سكت على هذا المنكر كيف ما كان مركز مسؤوليته، أنصحه بأن يستشير طبيبا مختصا في “البسيكياتري…”، كما علق استقلاليون آخرون من أعضاء المجلس الوطني على الصورة بعبارات الاستنكار والاستهجان لهذا السلوك، وعلق الاستقلالي محمد الصبيحي على صفحته الفايسبوكية بالقول: “زعما كتشوف حتى كتعيا و تقول الله إستر و الله إعفو …. و من هاد المنبر بغيت نقول للإخوان فالإتحاد العام للشغالين بالمغرب أن حميد شباط حدث تاريخي فتاريخ حزب الاستقلال و فتاريخ الاتحاد العام ويلا حيدتو صورة ديالو من مقر النقابة أو من مقر الحزب فذاكرة الاستقلاليين و ذاكرة المغاربة مغاديش تنسااااه …. ” واستهجن العديد من الاستقلاليين هذا السلوك، وأعلنوا أن حميد شباط لن ينكر أو ينسى من تاريخ الحزب، وتمنى آخرون أن يتم تصحيح هذا الوضع لأنه غير سليم، وعلق استقلالي بالقول “هناك من يعتقد جاهلا أنه قادر على محو ذاكرة المناضلين ….

فعلا شباط حدث تاريخي، فأن يتحول شخص من عامة الناس ، إلى عمدة لمدينة فاس ، ثم رئيسا لنقابة حزب الإستقلال، ثم آمينا عاما على نفس الحزب ، وغادر الأمانة العامة بعد تدخل كل أجهزة الدولة لإزاحته لمعرفتهم بتجذر الرجل في قلوب الاستقلاليين … وهو الحدث الذي اختزله الرجل في جملة تصور كل ما يمكن أن يقال في هذا المقام حيث قال لجريدة المساء ” كان عليكم أن تعينوا الولاة على رأس الأحزاب حتى تظهر حقيقتكم كاملة “

استكان شباط بصمت مستفز وناطق في نفس الوقت ، محرجا عبد الواحد الفاسي الذي إستدبر انتخاب حميد شباط وهزيمته بطريقة ديموقراطية، بتأسيس حركة طالبت بحل حزب الإستقلال … فهل يستقيم الأمر يانجل علال الفاسي؟؟؟ … هل استقر في ذهنك كيف تقلب والدك في قبره بعد فعلتك الشنيعة ؟؟؟ ثم لماذا لم يخطو شباط على منوالك ويقوض مرحلة نزار بنفس ماقمت به … يقول نيتشه ” السمك كله يخرج من البحر لكن هناك السمك من السمك ” هو كذلك إذن في حالة عبد الواحد وحميد الذي طبق مقولة عمر ابن الخطاب ” تلك فتن وقى الله بها سيوفنا فلن نخوض فيها بألسنتنا “

التفتيش في غوابر شباط يغري كثيرا الباحث المتعطش لمدراسة الشخصيات ، التي ضربت لها موعدا مع جبال التاريخ ، فهو “الخامس الناجي ” فقد خرج للحياة بعدما توفى قبله أربعة من إخوانه … يا الاهي ماهاته النذرة ياوحيد زمانك !!! فكيف لرجل فريدا عند الله تحاول أيادي البشر النيل منه … هذا خبل وترهات …نقصد هنا الأيادي المرتعشة ، التي تحاول إزالته من التاريخ ، رغم أنهم يدركون أن التاريخ رجل مخلص لاينسى…فإن غاب عن البعض صوت الرشاد … فإن شباط استقر في قلوب المخلصين ، من تعظيمهم لجناب الرجال أينما كانوا وأينما حلوا ووجدوا …

– وبعد هاته الشهادة البسيطة في حق شخصية وطنية لها نصيب في مجد هذا الوطن ننقل إليكم بأمانة ماقاله مركز الجزيرة للأبحاث والدراسات الإستراتجية ” مع الاعتذار المسبق عن أي خطأ غير مقصود ” :

حميد شباط سياسي ونقابي مغربي، شغل منصب الأمين العام لـ حزب الاستقلال المحافظ المنبثق عن الحركة الوطنية المغربية، وكاتب عام لنقابة الاتحاد العام للشغالين في المغرب، الجناح النقابي للحزب. يُعد واحدا من أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل، عبر خرجاته الإعلامية المثيرة، وسجالاته الحادة، وطريق إدارته الشرسة للمعارك مع الخصوم.

المولد والنشأة

رأى حميد شباط النور في منطقة قروية بقبيلة البرانس، في ضواحي مدينة تازة (وسط شرق المغرب) وذلك يوم 17 أغسطس/آب 1953. نشأ في وسط قروي بسيط، لأب كان من أنصار حزب الاستقلال في المنطقة، ومنه تشبع بخط الحزب وتعرف على سيرة زعاماته.

الدراسة والتكوين

تلقى حميد شباط تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة شفشاون، شمال المغرب، لم يواصل دراسته العليا بل اختار أن يلج معهد التكوين المهني بمدينة فاس، مطلع السبعينيات. تخرج من المعهد عام 1972، بعد حصوله على شهادة في الميكانيكا.

الوظائف والمسؤوليات

شغل وظائف حزبية ونقابية وبرلمانية وتمثيلية عديدة. فعلى المستوى التمثيلي المحلي، انتخب عمدة لمدينة فاس يوم 23 سبتمبر/أيلول 2003، وظل محتفظا بالمنصب حتى هزيمته في انتخابات سبتمبر/أيلول 2015.

حافظ شباط على مقعده كبرلماني عن فاس منذ انتخابه أول مرة عام 1997. ونقابيا، انتزع منصب الكتابة العامة لنقابة الاتحاد العام للشغالين التابعة لحزب الاستقلال سنة 2009. ثم حقق قفزته الكبرى، مع انتخابه في مؤتمر حزب الاستقلال لعام 2012، أمينا عاما لهذا الحزب العريق.

التجربة السياسية

في الوقت الذي ينبش خصومه في ماضيه ليلقبوه بـ “الميكانيكي” الذي أصبح زعيما، وينعتوه بالأمي الفاقد للتكوين العالي، يوظف شباط ذلك ليفتخر بكونه رجلا “عصاميا” بدأ مساره الطويل من الصفر. يقول حول مساره السياسي والنقابي “بدأت نشاطي النقابي عام 1974، في مصنع لإنتاج الأسلحة تحول إلى صناعة الدراجات النارية، بعد أن التحقت به عقب حصولي على دبلوم من معهد فني”.

وجاءت محطة الإضراب العام الذي هز مدينة فاس في ديسمبر/كانون الأول 1990 بأحداثه الدامية، لتشكل منعطفا في مساره، حيث وجهت له تهمة التحريض على أعمال العنف والتخريب، واعتقلت زوجته وابنه، بينما ظل مختفيا عن الأنظار إلى حين هدوء الأوضاع ثم الحصول على عفو قضائي.

عام 1992، بدأ يحصد ثمار نشاطه النقابي والسياسي، حيث نجح في الانتخابات البلدية، وانتخب نائب رئيس إحدى بلديات فاس “زواغة” التي أضحت معقله الانتخابي الحصين. وتدرج ليصبح “العمدة القوي” للعاصمة العلمية للمملكة يوم 23 سبتمبر/أيلول 2003، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى انتخابات سبتمبر/أيلول 2015، حيث هزم على يد حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران.

وبالموازاة مع ذلك، ظل حاضرا في البرلمان منذ انتخابه عام 1997، مرورا بـ 2002، ثم 2007 وصولا إلى الولاية الراهنة التي بدأت عام 2011.

وعلى الواجهة النقابية، التي راهن عليها شباط كثيرا لتعزيز قوته داخل الحزب وحشد أنصاره لربح المعارك الانتخابية، التنظيمية والسياسية، كان مهندس إزاحة الزعيم التاريخي للاتحاد العام للشغالين، عبد الرزاق أفيلال، سنة 2006، لفائدة محمد بنجلون الأندلسي، الذي أزاحه هو الآخر عام 2009 ليتربع على رأس المنظمة النقابية.

وعرف شباط كيف يحول هذه القوة النقابية الكاسحة إلى عامل ترجيح لطموحاته في صفوف حزب الاستقلال، فقد أصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب منذ مؤتمره الـ 15 الذي عقد ما بين 9 و11 يناير/كانون الثاني 2009، لتكون عتبة قفز منها في المؤتمر الـ 16 لعام 2012 إلى مهمة الأمانة العامة للتنظيم بعد فوزه على منافسه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم الوطني الراحل علال الفاسي، مؤسس الحزب.

وأدى فوزه بالأمانة العامة إلى أزمة داخلية في التنظيم، حيث تشكل تيار مناهض لشباط باسم “بلا هوادة” يقوده عبد الواحد الفاسي، لم يكف عن توجيه الانتقادات اللاذعة لشباط ومؤيديه، واتهامه بالإساءة إلى تاريخ الحزب.

بينما ظل شباط يؤكد أن فوزه برئاسة الحزب أنهى سيطرة آل الفاسي والعائلات الثرية على الحزب، وشبه دخوله مقر الحزب بالعاصمة الرباط بدخول “باب العزيزية” الذي مثل نهاية لحكم القذافي وأبنائه.

وراهن شباط على قيادة حزبه إلى احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية لسبتمبر/أيلول 2015، إلا أنه لم ينجح في ذلك، مما أثر على الوضع العام للحزب.

يشكل ظاهرة سياسية بامتياز في المشهد المغربي، بحيث ظل حاضرا في جل السجالات الكبرى مع خصوم من مشارب مختلفة. لقد سبق له أن هاجم الزعيم الاشتراكي الراحل المهدي بنبركة حين وصفه بأنه “قاتل”. واتهم مرة وزيرا بدخول البرلمان في حالة سكر، بل وصل إلى اتهام رئيس الحكومة بنكيران بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية والموساد، وغيرها من الأمثلة التي تجعل شباط حالة متفردة في الساحة المغربية .

هذا ما قاله مركز الجزيرة عن الزعيم حميد شباط

أخي في الله والوطن والرجولة حسبك هذا البيت الشعري :

انا شمس في جو المواقف منيرة … ولكن عيبي أن مطلعي الغرب

* باحث في الفكر المعاصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.