سلسلة المساجد المغربية: المسجد الأعظم بسلا ينفرد بعادة قديمة “الطلوع والهبوط” وتعني رفع الأذان مرتين
“”ترتبط المساجد بالمغرب تاريخيا بحضارة أمم وتاريخ دول تعاقبت على حكمه، وتعكس هذه الصروح الدينية والحضارية إبداع الفن المعماري المغربي الذي يجمع بين ثقافات متعددة وحضارات مختلفة، حيث تعرف مساجد بلادنا بطرازها الفريد الغني بالتراث المعماري الإسلامي وبالخصوص الحضارة الأندلسية التي أصبحت سمة بارزة لفن بناء المساجد المغربية.
ولعل ما يميز المساجد التاريخية في المغرب هو هندستها وما اشتملت عليه من أنماط زخرفية وأسلوب تقليدي في بناء القباب والصومعات والمآذن وتزيينها بالزخرفة الأندلسية، إضافة إلى ضخامتها وتناسقها وجمالية النوافذ والابواب والحدائق وبرك الماء التي تحيط بها.
الحدث 24 تسافر بكم في سلسلة رمضانية عبر الزمن الى استكشاف بعض المعالم من هذا الموروث الديني والعلمي وتسلط الضوء على مساجد مختلفة من مدن مختلفة بمغربنا الحبيب
المسجد الاعظم بسلا
بني المسجد الأعظم بسلا بين عامي 1028م و 1029م ، لكن تم هدمه وإعادة بناءه عدة مرات منذ أن بُنيَ. حيث تم بناءه على نمط معمارية المرابطين والموحدين، ويقع على مساحة تبلغ 5070 متر مربع ، و يعد ثالث أكبر مسجد في المغرب.
يحتوي المسجد على 9 أقواس . ويقال انه دُمر بشكل كبير في خلال قصف سلا في عام 1851م، وتم إغلاقه لمدة قصيرة خلال الحماية الفرنسية على المغرب.
وقد تم ترميمه وتوسيعه في عام 1196م بموجب أوامر أبو يوسف المنصور بمشاركة 700 عبد فرنسي بحسب شهادة بعض المؤرخين.
في عام 1260م، تم احتلال مدينة سلا من قبل القوات القشتالية، وقد تم جمع 3000 من السكان من ضمنهم النساء، والأطفال و المسنين في المسجد ليؤخذوا كعبيد لإشبيلية.وبفعل قصف المدينة من قبل القوات الفرنسية في عام 1851م، تضرر المسجد بشكل كبير بعد أن قُصف بستة كور مدفعية.
خلال الحماية الفرنسية بالمغرب أستخدم المسجد لعقد الإجتماعات الوطنية في ثلاثينيات القرن العشرين ، وقد أغلقته السلطات الفرنسية لاحقاً لتجنب استخدامه كمكان للتوعية الوطنية، وأعيد فتحه من بعد. ولا زال المسجد إلى اليوم يحتضن دروسا دينية في صحيح البخاري والحديث وغيره..
أعاد ثالث الخلفاء الموحدين يعقوب المنصور بناءه سنة 593 للهجرة بعد عودته من الأندلس منتصرا في معركة الأرك، ونقل ترابه وحجارته 700 ألف أسير من الأسرى الأوروبيين، وبعد اكتمال بنائه استدعى السلطان الموحدي عالما محدثا هو أبو محمد عبد الله بن سليمان الأنصاري من الأندلس ليتولى الخطبة فيه ويلقي الدروس.
ومع إعادة بناء الجامع الأعظم بدأت النواة الأولى للنهضة العلمية لمدينة سلا، إذ احتضن دروس الكراسي العلمية، وتخرج منه علماء كبار بلغ صيتهم المشرق، مثل ابن غياث السلاوي الذي درس في حلب السورية، وأبو عبد الله الدقاق الذي كان يقدم كرسي الحديث في المسجد النبوي.
يعرف هذا المسجد عادة قديمة تسمى الطلوع والهبوط حيث يؤذن المؤذن في الجامع وقت دخول الصلاة ويرفع راية أعلى المئذنة وتسمى هذه العملية الطلوع، وبعد ساعة إلا ربع يؤذن مرة أخرى وينزل الراية وتسمى هذه العملية الهبوط”.
ووفق مصادر من المسجد ذاته ، فإن المساجد في سلا لا يرفع فيها الأذان إلا بعد سماع أذان المسجد الأعظم، ومن أدرك الصلاة في وقتها يؤديها جماعة في أي مسجد صغير قريب منه في المدينة القديمة، ومن لم يدرك الصلاة ينتظر الأذان الثاني بعد ساعة إلا ربع فيلحق صلاة الجماعة في وقت الهبوط في الجامع الأعظم.